The report in English: The Next Gulf War
بقلم: عصام خوري
احتجاز ناقلة النفط الايرانية في مضيق جبل طارق مطلع شهر تموز 2019، وعدم تزويد ناقلات النفط الايرانية بالنفط في الموانئ التزاما بالعقوبات الاميركية، بالاضافة للخطاب الاعلامي الغربي الموحد المنتقد للسياسة الايرانية في الملف النووي، والعقوبات الاقتصادية على المصارف والشركات الايرانية المتعاملة مع الحرس الثوري الايراني، بالاضافة لسلسلة العقوبات على شخصيات من حزب الله وعلى البنوك التي تتعامل مع هذا الحزب، وانهاء التزام واشنطن بالاتفاق النووي الايراني، كل هذه التطورات جعلت ايران في موقع المستنفر والمتوقع لحرب تنهي احلام ايران في ان تكون قوة اقليمية وازنة في الشرق الاوسط
ويضاف لسلسة هذه العقوبات متغيرات اقليمية في الشرق الاوسط من ابرزها
الانسحاب الاماراتي من اليمن
رغم ان الجيش الاماراتي هو اهم الاطراف الفاعلة في التحالف الدولي ضد الحوثيين في اليمن، الا انه سحب ما بين 70-75% من عديد قواته من اليمن منتصف تموز 2019[1]، بحجة ضرورة افساح المجال للتفاوض السياسي مع الحوثيين، ولكن بالتاكيد هذا السبب غير مقنع، حيث لايزال الخبراء العسكرييون الاماراتييون حتى اليوم يجرون تدريبات للمقاتلين اليمنين ضد الحوثين. ولعل الانسحاب الاماراتي من اليمن غرضه حشد الطاقات العسكرية والاستخباراتية الاماراتيه باتجاه الشرق، خاصة وان ايران باشرت بعمليات احتجاز السفن الاماراتية والبريطانية في مضيق هرمز كرد على احتجاز بريطانيا لناقلة النفط الايرانية في جبل طارق.
وفعليا اذا انهار النظام الايراني فان الحوثيين في اليمن سيخسرون ابرز حلفائهم، وهذا سيكون انتصارا للامارات والسعودية، لذا ستسعى الامارات ان تضع جيشها واستخباراتها ضمن تحالف دولي لحماية الملاحة البحرية في مضيق هرمز، وبالتاكيد حدوث هكذا تحالف سيفرض على القوة العاملة فيه ضمان سلامة السفن المارة عبر مضيق باب المندب الذي يلعب فيه الحوثيون ومن ورائهم الايرانين موقعا مهددا للملاحة البحرية.
تعزيز العلاقات الخليجية-الاسرائيلية:
شهدت العلاقات الخليجية-الاسرائيلية غزلا دبلواسيا بدا بمشاركة رياضية اسرائيلية في مدينة ابو ظبي نهاية شهر اكتوبر 2018[2]، ووصلت ذروة العلاقات بين الخليج واسرائيل لتنظيم اجتماع سلام بين الاسرائيليين والعرب في البحرين “المنامة” ايام (25-26/يوليو/حزيران 2019 ) برعاية من صهر الرئيس الاميركي كوشنر عبر ما يسمى صفقة القرن[3].

وفعليا ان حصل سلام عربي مع اسرائيل او لم يحصل فان كلا الطرفين الخليجي والاسرائيلي لديهم مصلحة في تقليص النفوذ الايراني في الشرق الاوسط. وتقاطع المصالح هذا، قد يخول الاسرائيليين استخدام الاجواء الخليجية لهدف حماية الملاحة البحرية العالمية ومنع الخطر الايراني على الاقتصاد العالمي.
حزب المحافظين البريطاني وايران
لطالما كان البريطانيون مهندسي السياسة للشرق الاوسط، وبعد خروج رئيسة الوزراء ماي من السلطة وحصول بوريس جونسون على منصب رئيس الوزراء الجديد، اطلق جونسون انتقادا قاسيا لزعيم حزب العمال المعارض “جيرمي كوربن” أمام أعضاء مجلس العموم يوم 25 تموز 2019 متهما اياه بانه يوالي ملالي ايران، ويقف ضد مصالح المملكة البريطانية في شراكتها التاريخية مع الولايات المتحدة[4].
ويعرف عن جونسون عداؤه الصريح للجمهورية الإسلامية الإيرانية، واحترامه للحزب الجمهوري الاميركي، وقبل اصدار هذا الاتهام، وصلت كاسحة الغام بريطانية لمياه الخليج، وتاتي هذه الخطوة في تصور بريطاني ان الايرانيين قد يقدمون على نشر الغام بحرية لاغلاق مضيق هرمز بقصد التفاوض مع الاميركيين على عدم قصفهم
غارات الطيران الاسرائيلي بين سوريا والعراق
سياسة الاحتفاظ بحق الرد التي طالما رددها قائد الجيش والقوات المسلحة بشار الاسد بعد كل ضربة اسرائيلية على الاراضي السورية، لم تمنع اسرائيل من استمرار قصفها للاهداف الحيوية للحرس الثوري الايراني في سوريا، والتغير الكبير في السياسة الاسرائيلية حصل يوم 18 تموز/يوليو 2019، عندما قصفت طائراتها مواقع للحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين[5].
قواعد اميركية جديدة في العراق
افادت قناة الاخبارية العراقية[6] يوم الاحد 6 يناير/كانون الثاني 2019 عن عزم واشنطن اشادة ثلاث قواعد اميركية جديدة، وتم تحديد مواقع هذه القواعد، كما يلي
القاعدة الاولى: في قضاء بيجي داخل القاعدة الصينية قرب المصفى مقر اللواء 14 سابقا
القاعدة الثانية: في منطقة الفتحة “الفوج الثاني سابقا
القاعدة الثالثة: ستتواجد في (كى وان) بمحافظة كركوك
طبعا هذا التوجه من واشنطن ينقل رغبة البنتاغون وشركات النفط الاميركية بتعزيز وجودها في الشرق الاوسط لهدف محاربة الارهاب اولا، وحماية المصالح الاميركية في العراق ثانيا، بعد ان ادى تقليص الوجود العسكري الاميركي في العراق زمان الرئيس اوباما لتنامي النفوذ الايراني هناك، وسيطرة الاحزاب الدينية المدعومة من ملالي طهران على البرلمان والحكومة العراقية.
اعادة تدريب مليشيات سورية كانت محسوبة على واشنطن، بعد ايقاف ذلك التدريب عام 2017
قوة ايران الفعلية
النظام الايراني هو نظام شمولي ديني، وقوته العسكرية تتمركز في المحاور التالية
الصواريخ البالستية[7]:
اطلقت ايران صاروخا بالستيا يوم 26 تموز 2019 يصل مداه الى الف كيلومتر، في رغبة منها لاخبار القوة الدولية التي تمتلك قوة الردع في حال تعرضت لهجوم. فعليا التبجح الايراني بترسانتها الصاروخية، ما هو الا فقاعة امام حجم القوة العسكرية المترصدة لايران سواء اكانت (اميركا او اسرائيل)، حيث اعلن نتنياهو يوم الاحد 28 يوليو/تموز 2019 امام حكومته، نجاح بلاده بالتعاون مع واشنطن على اختبار منظومة (أور-3) للدفاع الجوي عبر تجارب تمت في ولاية الاسكا الاميركية[8]، وهذه المنظومة قادرة على تدمير الصواريخ البالستية خارج الغلاف الجوي، وحسب نتناهو: (لدينا القدرات حاليا للتحرك في مواجهة الصواريخ البالستية التي تطلق علينا من ايران ومن اي مكان آخر).
وبالتاكيد ان روسيا لن تدعم طهران في هذا الشأن لابل من الممكن ان توظف صواريخ (اس 400)المنتشرة في سوريا لحماية اسرائيل من الصواريخ الايرانية بحجة حماية المدنيين اليهود، فموسكو رغم تعاونها مع طهران في سوريا الا انها شريك موثوق للاسرائيليين، فراس المال الصهيوني في روسيا ضخم جدا ويجعل اسرائيل دولة نافذة في الكرملين.
الالغام البحرية
بالتاكيد ايران قادرة على اغلاق مضيق هرمز عبر نشرها للالغام البحرية[9]، وهذا امر شديد التعقيد ولا يمكن لاي دولة او اية كاسحة الغام ان تجري تمشيطا دقيقا للخليج العربي/الفارسي. ولكن ان اندلعت الحرب ضد ايران فان عموم السفن التجارية ستغادر الخليج العربي، وهذه المغادرة قد تستغرق ثلاثة اشهر لحين تأمين الملاحة البحرية في هذا الخليج، وهنا سنكون وفق احد السيناريوهين التاليين:
الاول: ضربات جوية عقابية على ايران، ينجم بعدها تفاوض سياسي من ابرز مخرجاته ان تنزع ايران الغامها البحرية، وتبعد صواريخها البالستية عن الشاطئ الغربي للخليج العربي/ الفارسي.
“We are eager to operate if called upon,” the officer aboard one of the Persian Gulf ships said. “We’ll operate the systems as best as they can operate. My concern is the ships are old and, like any old ship, they break.”
The Avenger-class ships were built in the late 1980s and early ’90s and slated for retirement years ago. But their retirement date has been continually delayed because the service still doesn’t have a working replacement. The Navy’s latest estimate is that the ships will all be decommissioned by fiscal year 2023.
[1] https://www.propublica.org/article/iran-has-hundreds-of-naval-mines-us-navy-minesweepers-find-old-dishwashers-

الثاني: حرب شاملة لهدف قلب النظام الايراني، وفي حال تم هذا الامر فان القادة الجدد في طهران قد يجبرون القادة العسكريين المهزومين على الاقرار بجملة الخرائط لاماكن نشر الالغام البحرية، كما قد تدفع حكومة طهران الجديدة “المدعومة من واشنطن” كلفة الحرب على ايران وكلفة نزع الالغام التي قد تؤديها شركات دولية معنية بنزع الالغام
المليشيات الطائفية والانتحاريين
استطاع الحرس الثوري الايراني وتحديدا فيلق القدس تدريب الاف الطائفيين الشيعة لهدف تشكيل كتائب متعددة مثل (حزب الله في لبنان والعراق، لواء فاطمين[10]، قوات الحشد الشعبي العراقية[11]، الحوثيين، لواء الامام الحسين[12]…) ايضا ساهم بتدريب كتائب جهادية سنية مثل (حركة الجهاد الاسلامية[13]، حركة حماس، مجموعة ممتاز دغمش[14]).
وتمتاز هذه القوة الراديكالية الطائفية، بانها مؤدلجة طائفيا وعقائديا لكره الاميركيين والاسرائيليين، لذا من السهل جدا تجنيد مقاتلين منها لتنفيذ عمليات انتحارية في القواعد الاميركية المنتشرة في الشرق الاوسط، وبالتاكيد هذه العمليات الانتحارية لن تكون في الخليج العربي بل ستكون في العراق وسوريا القريبة لمناطق نفوذ الحرس الثوري الايراني (العراق، شمال شرقي سوريا، قاعدة التنف[15]).
ولعل قاعدة التنف اكثر المناطق عرضا لهذه العمليات في حال قرر الحرس الثوري الايراني تنفيذها، ففي مناطق شمال شرق سوريا وكوردستان العراق، هناك نقاط دفاعية عديدة من قبل حواجز قوات الحماية الكوردية “قسد”[16] والبشمركية[17] قد تعرقل وصول هؤلاء الانتحارين لمناطق تمركز الجيش الاميركي، اما منطقة التنف فهي منطقة لا تحوي جمهورا بشريا كبيرا من السوريين المعارضين فعدد ساكني مخيم الركبان[18] المجاور لقاعدة التنف لا يتجاوز قرابة 40 الف نسمة، ومقاتلي المليشيات السورية الموالية لواشنطن في تلك المنطقة هو عدد محصوربقوات “اسود الشرقية، جيش احرار العشائر، قوات الشهيد أحمد العبدو” وهم من سكان مخيم الركبان، ولعل واشنطن تدرك هذا الخطورة، الامر الذي دفعها لاعادة تدريب وتسليح هذه المليشيا بداية شهر ايار/مايو 2019، بعد ان توقف مشروعها في دعم وتسليح المعارضة السورية في يوليو/تموز 2017.
توقعات استقصائية
الاميركين ليسوا مستعجلين على اعلان حرب ضد طهران، وافضل وقت لاعلانها سيكون ربيع او صيف العام القادم، فهكذا حرب قد تكون فرصة ممتازة للرئيس ترامب ليستثمرها قبيل انتخابات عام 2020، لانها ستجلب له تاييدا من كل مراكز الدراسات المقربة من اللوبي الاسرائيلي في واشنطن، بالاضافة للوبي شركات السلاح، ولوبي شركات النفط، وهذا يعني فرصة كبيرة لاعادة انتخابه كرئيس للولايات المتحدة. لذا نرى تغريدات ترامب على وسائل التواصل الاجتماعية مركزة على انتقاد نظام ايران مع امكانية فتح باب الحوار بشروط واشنطن القاسية على طهران،بالاضافة لمطالبة دول ثرية مثل (السعودية، اليابان والصين) بضرورة دعم مالي للجيش الاميركي الذي سيحمي الملاحة في الخليج العربي/الفارسي، وهذا يعني ان كلفة الحرب لن تكون اميركية بل ستكون من مجموع دول العالم التي ستشارك في التحالف الدولي لحماية الملاحة البحرية.
بدورها ايران تدرك ان واشنطن لن تتحرك بمفردها ضد ايران، وتاسيسها لتحالف دولي قد يستغرق عدة اشهر، وهذا الامر سيكون خطيرا ويكرر ماحدث للعراق عام 2003. لذا تحاول طهران استباق هذا الامر بمحاولة استفزاز واشنطن وبريطانيا لتنفيذ ضربات عقابية محدودة ضد طهران، وبدورها ايران ستلجأ لردود عسكرية محدودة تعرقل الملاحة في الخليج العربي وتسبب ازمة في الاقتصاد العالمي، وبالتزامن مع ذلك ستسعى عبر الاروقة الدبلوماسية لمحاولة لجّم واشنطن عن تنفيذ هجوم كاسح يغير النظام في ايران، مقابل تعهد الاخيرة بالتعاون مع واشنطن وبريطانيا على حماية الملاحة البحرية.
وكما يبدو ان خطة الايرانيين مكشوفة لواشنطن، فهي لن تنجر لحرب محدودة مع طهران، فسقف مطالب واشنطن زمان حكم الجمهوريين هو عالي ويتمثل بالتالي:
تخلي طهران عن برنامجها النووي
تخلي طهران عن تطوير برنامجها للصواريخ البالستية
توقف طهران عن دعم المليشيات الدينية الراديكالية في عموم الشرق الاوسط