معهد وجمعية الفتح الإسلامي

بقلم: عصام خوري

Feb 02, 2009

بدأ المعهد نشاطه على شكل حلقات علمية كان يقيمها الشيخ محمد صالح الفرفور في الجامع الأموي، وفي بعض مساجد حي القيمرية في مدينة دمشق في اربعينات القرن العشرين الميلادي. ولما اتسع نشاطه وكثر طلابه أسس الشيخ جمعية الفتح الإسلامي لترعى نشاطه العلمي وتشرف على طلابه. ثم تمخض عنها معهد جمعية الفتح الإسلامي عام 1956 . ثم انتقل تدريسه لدار اشترتها جمعية الفتح الإسلامي في محلة القيمرية في ممر باب السلامة، وهناك انقلبت الدراسة من حلقات دراسية إلى معهد تنظمت صفوفه على خمس درجــــات (صفوف) وشهادة، ومنه يتخرج كثير من الأئمة والخطباء والمدرسين في سوريا وغيرها من بلاد المسلمين كلبنان وتركيا ومنطقة القرن الافريقي والأكراد وشرقي الأردن…

 

بدأ التطور في المعهد عندما انتقل مقره إلى جوار مسجد بلال الحبشي بدمشق (مستديرة المطار) وتسلم إدارته منذ العام الدراسي 1983- 1984 الأستاذ الشيخ الدكتور عبد الفتاح البزم بإشارة و تكليف من الشيخ فرفور، ثم أصدر وزير الأوقاف القرار رقم 372 /ع و تاريخ 4/10/1984م القاضي بتسميته مديراً للمعهد، وبدأت عملية التطوير والنهضة بإشراف الشيخ فرفور والشيخ عبد الرزاق الحلبي (شيخ الجامع الأموي) وبالتعاون مع الأستاذ الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور (رئيس قسم التخصص والدراسات التخصصية العليا) والمتابعة المباشرة من مديره الجديد الدكتور عبد الفتاح البزم، توفي الشيخ فرفور الاب ليخلفه ابنه الادارة العامة للمعهد.

7

أهداف المعهــد المعلنة:

  1. النهوض بالأمة العربية والإسلامية من خلال نشر العلوم والثقافة الإسلامية وعلوم اللغة العربية.
  2. الدعوة إلى الله تعالى من خلال منهج الوسطية وفكر الاعتدال والبعد عن الغلو والإفراط والتشدد.
  3. تخريج جيل مؤمن صالح مخلص لإسلامه وعروبته ووطنه وأمته.
  4. الجمع بين الإيمان والعلم والعمل والأخلاق في رسالة الإسلام .
  5. الجمع بين موازين الدين والعلم، والإسلام والعروبة، والأصالة والمعاصرة.
  6. تطوير دراسات العلوم الإسلامية تطويراً يحافظ على الثوابت.
  7. معالجة أزمة الوعي الديني، والخواء الثقافي، والهزال الفكري لدى الأجيال.
  8. نشر الوعي العربي الإسلامي الراشد، والثقافة السديدة، والتربية الرشيدة.

 

فرع الإناث في معهد الفتح الإسلامي:

 

لم يقتصر الشيخ فرفور في جهوده العلمية التعليمية على تخريج الدعاة والأئمة والخطباء، بل إنه اهتم بتعليم النساء ليخرج منهن عالمات وداعيات فبدأ هذه المرحلة وأعد لها إعداداً جيداً وأسس فرعاً لتعليم الإناث عام 1965م.

 

تأسيس  قسم التخصص:

يرجع تأسيس قسم التخصص إلى سنة 1971 م حينما افتتح الشيخ هذا القسم في معهد الفتح الإسلامي ، وكان الهدف منه تقوية الطلاب المتخرجين في مواد اختصاصية ضمن فروع ثلاثة:

آ- الفقه والأصول.

ب- اللغة العربية وعلومها وآدابها.

ج- الحديث الشريف والتفسير (علوم القرآن والحديث).

وكانت مدة الدراسة في هذا القسم ثلاث سنوات دراسية.

وظل هذا القسم على هذه الحال إلى أن تم توقيع اتفاقية علمية ثقافية مع جامعة الأزهر سنة 1994 م وقد وقعها  كل من مدير المعهد د. عبد الفتاح البزم ورئيس قسم التخصص د. حسام الدين فرفور بتوجيه من رئيس جمعية الفتح الإسلامي الشيخ عبد الرزاق الحلبي تتمَّ بموجبها تطوير قسم التخصص والتوسُّع في اختصاصه، على أن تطبق فيه مناهج جامعة الأزهر.

ويشرف على هذا القسم مع قسم الدراسات التخصصية العليا ويرأسه الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور.

 

جمعية الفتح الاسلامية:

نالت ترخيصها يوم  31/5/1960م، على أن تكون أهدافها:

  1. تعليم اللغة العربية والعلوم الشرعية.
  2. نشر الثقافة الإسلامية والحضارة العربية الإسلامية.
  3. حفظ التراث العربي الإسلامي العلمي والفكري والروحي.
  4. تأسيس دور الحضانة والمياتم ودور العجزة.
  5. تأسيس المدارس والمعاهد الشرعية على اختلاف مراحلها.
  6. تأسيس المعاهد العليا والكليات والجامعات باختلاف اختصاصاتها.
  7. تأسيس المستوصفات الخيرية والمشافي والمراكز الطبية في دمشق وريفها.
  8. تأسيس المعاهد العليا والكليات والجامعات في مختلف التخصصات بما نصت عليه علوم الفقه والشريعة.
  9. علاج ومداواة الطلاب الذين ترعاهم الجمعية وتقديم مختلف المساعدات ووعظ المساجين.
  10. بناء وترميم المساجد.
  11. اصدار المجلات والصحف الدورية.

من خدمات الجمعية:  تقدم الجمعية لطلاّب معهدها الخدمات التالية:

  1. منحة دراسية لمدة ست سنوات دراسية.
  2. معونة شهرية مالية رمزية يستعين بها الطالب على معيشته.
  3. تقديم الكساء والغذاء والدواء والعلاج للطلاّب.
  4. تأمين السكن والمبيت للطلاب العرب والوافدين وأبناء المحافظات السورية والمناطق البعيدة.

 

السلفية والاختراق لجمعية الفتح الإسلامي:

لم يفاجئ العلمانيين في سوريا من بروز شخصيات سلفية داخل معهد الفتح الاسلامي وجمعيته الخيرية، خاصة وان أغلب منفذي تفجير فرع فلسطين على طريق المطار كانوا يترددون عليه والبعض منهم كان ينام في دور الطلبة عند هذا المعهد، بينما كانت السلطة السورية تحتضن نشاطات هذا المعهد، وتراعي طلبات شيوخه المعروفين باعتدالهم الديني، وعدم رضاهم بحركة الاخوان المسلمين وكل التيارات المنشقة عنها.

فقد سمح هذا المعهد من خلال استضافته للعديد من الطلبة المتدينين وخلقه ساحات حوار اسلامية، فيما يدعى بأنها ساحات حوار وسطية للتيار الديني، بتنمية التواصل بين المسلمين في منطقة بلاد الشام وتبادل خبرات كثيرة حول واقع المسلمين كل في بلده، مما جعل الجو العام في أغلب النقاشات والمحاضرات ضمن ما يسمى النهج القومي الديني، مع التركيز على الشأن العربي منها بشكل خاص.

مما جعل الكثير من القوميين العرب المرتدين عن احزابهم العلمانية نحو الاسلام، يتوجهون نحو هذا المعهد وجمعيته الخيرية، التي تحمل من مفهوم الاسلام السياسي الاجتماعي الشيء الكثير للمتدينين، والكثير الغير واضح او غير ممنهج امام السلطة السورية، التي تصرح دائما أنها على دراية بكل شيء.

وقد استفاد الشيخ حسام الدين فرفور من تعين الادارة للشيخ عبد الفتاح البزم، المعروف بتقربه من السلطة السياسية في دمشق وعلمه العالي في العلوم الفقهية الشريعية مما مكن المعهد من القيام باتصالات مميزة مع جامعة الازهر في القاهرة، مما وسع من مساحة الفئات المستهدفة للمعهد نحو مناطق القرن الافريقي وبخاصة الطلبة الصوماليين والاريتريين والسودان، المتعلمين في سوريا، خاصة وأن الشيخ البزم هو مفتي مدينة دمشق منذ عام 1993 حتى اليوم.

هذا الامر وفر بنية معلومات متنوعة للسلطة السياسية في دمشق، مما جعل المعهد وجمعيته تزدهر بشكل مميز، كعموم المدارس الدينية السورية التي من الممكن تسميتها “المدارس السلطوية الدينية السورية”.

 

الشخصيات التي غيرت وجهة المعهد:

– محمد حسين الخالد “امير تنظيم القاعدة في سوريا ويلقب بالألقاب التالية: “أبو فيصل، أبو ايمن، أبو علي”.

– ابو عبيدة “نقطة الاتصال بين تنظيم القاعدة في العراق وسوريا”.

– محمد حسين عبيد “مسؤول امني في تنظيم فتح الاسلام” //فلسطيني الجنسية//.

– شهاب قدور، ويلقب “أبو هريرة” //لبناني الجنسية//.

– سالم الشهال داعية في مدينة طرابلس.

– زكريا عفش “من تنظيم القاعدة يقطن مدينة حلب في سوريا”.

– أنس عثمان “مخبري اسنان، سوري الجنسية”.

– عبد الحليم رعد  “سوري الجنسية، يعمل بالتهريب”.

– سمير الايوبي “من مدينة طرابلس، ويلقب ابو عبد الرحمن”.

– أبو بندر الجزائري “لقب لقيادي في القاعدة جنسيته من المملكة العربية السعودية”

– عبد الغني جوهر ويلقب “أبو جوهر، خبير متفجرات”.

– خالد حسين الزبيدي “سوري الجنسية”.

– همام فارس قصيني “يلقب بأنس، سوري الجنسية”.

– عبد الرحمن محمد عوض “أمير تنظيم فتح الاسلام في لبنان، ويلقب أبو محمد”.

 

لقد عرضت قناة الدنيا “سورية تدعي استقلاليتها” شريطا تمثيليا لمنفذي تفجير طريق المطار المستهدف فرع فلسطين في دمشق في شهر نوفمبر يحمل الاسماء سالفة الذكر وصفاتها، بين وبوضوح أن مكان تلاقيها لبناء قاعدة العمليات داخل الاراضي السورية، كانت انطلاقا من معهد الفتح الاسلامي في دمشق، حيث تزايدت معرفتهم ببعض من خلال اللقاءات الدينية التي كانت تتم في المعهد، حتى أن بعضهم كان ينام فيه، ورغم ورود اسماء هامة “كأمير تنظيم القاعدة في سوريا أو امير التنظيم لفتح الاسلام في لبنان” لكن شيوخ هذا المعهد لم يستطيعوا معرفة هذه الاسماء أو يوفروها  كمعلومات للأجهزة الامنية السورية قبل وقوع الأحداث، وهذا بين سابقة خطيرة بشأن دور المدارس والمعاهد الدينية المنتشرة بكثرة في سوريا.

%d9%85%d8%b9%d9%87%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%aa%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a-%d8%a8%d8%af%d9%85%d8%b4%d9%82-%d9%8a%d8%b9%d9%84%d9%86-%d8%aa%d9%88%d8%a3%d9%85%d8%a9%d9%8b

أسباب تنامي السلفية داخل المعهد:

للتيارات السلفية القدرة والشرعية الحقة في الولوج ضمن أي شكل من أشكال النقاش الإسلامي، وقد شرع لهم مفهوم الجهاد تسخير النقاش من اجل الدعوة وكسب التأييد، ومن هذا المنطق، الكثير من السلفيين المحنكين بالعلوم الشرعية قد يتفوقوا شرعيا ودينيا على رواد المدارس الدينية الشرعية، خاصة وأن مفهوم النجاح والترفع بالصفوف الدينية هو أمر مناط بعلاقة الشيخ المدرب والطالب المتدرب، وبما أن غالبية القيم المجتمعية باتت فاسدة فإن مفهوم النجاح في هذه المدارس هو مناط ايضا بمعايير الفساد العامة، مما خرج عدد كبير من الطلبة الشرعيين العاجزين عن الدخول في أي نقاش شرعي جدي مع أي شخصية متمكنة دينيا أو حتى متزمته مع قليل من المعرفة الدينية.

كل من الشيخين البزم وفرفور شجعا النقاش داخل مؤسساتهم الشرعية “الجمعية والمعهد” نتيجة غرورها بنفسيهما من خلال خبراتهم العالية في العلوم الشرعية، لكن السلطة السورية ومن خلال تسخير شخصيتهما في العديد من المناسبات القومية والدينية والاجتماعية ابعدتهم عن المتابعة الحقة للنقاشات داخل مؤسساتهم.

فالمؤسسات الدينية في سوريا تعاني مركزية القرار، كانعكاس لشراكتها السياسية مع السلطة المركزية في دمشق، مما أدى لغياب الحكم الرشيد في كل المؤسسات الدينية السورية، وتنامي الفساد داخلها، مما حول الكثير من أهدافها نحو معايير الكسب المادي، فهذه المدارس والمعاهد تتحصل من خلال الجوامع ومريديها أرقام توازي ميزانية الدولة السورية، وكل تسخير لها في الشأن الاجتماعي محكوم بالقرار الرسمي، ومقدار النسب المالية الموزعة بين رؤساء المدارس والجهات التي خولتهم العمل على أي مشروع سواء أكان اجتماعي أو ثقافي أو تعليمي داخل الاراضي السورية.

 

إن ما حدث داخل معهد الفتح الإسلامي هو أمر وارد في عموم المدارس والمعاهد الدينية الأخرى، قد يهدأ بين الفينة والأخرى لكنه في نهاية المطاف سيشتعل مغير الواقع الاجتماعي في سوريا من إسلام معتدل نحو إسلام سلفي.

 

المقال باللغة العربية ترونه في الرابط التالي:

AL-Salafiya and its penetration to the association of Al-Fatih Al-Islami

Leave a comment