بقلم: عصام خوري
Dec, 2022/ المركز التشيكي السلوفاكي للدراسات المشرقية
يوم 24 ديسمبر/ أيلول 2003 كان يوما استثنائيا في سوريا، فقد أضيف يوم السبت كعطلة رسمية في الأسبوع لتضاف إلى يوم الجمعة والذي كان يوم العطلة الأسبوعية الوحيد منذ استقلال سوريا عام ١٩٦٤، وجاء هذا الإجراء ضمن سلسلة الشروط التي طالب بها الاتحاد الأوروبي دمشق من أجل الدخول في شراكة اقتصادية ضمن مشروع الأور-متوسطي[1]، أي لم يأت إضافة يوم العطلة في إطار حماية حقوق العمال، أو لدعم الحياة الأسرية، ولكن السلطة السياسية آنذاك روجت لهذا التعديل بأنه مكرمة من سيادة الرئيس بشار الأسد! بعد 19 عام على ذلك القرار، ظهر قرار مفاجئ من رئيس مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري، حسين عرنوس[2]، يقضي بتعطيل الجهات العامة يومي 11 و18 ديسمبر/كانون الأول 2022، واعتماد عطلة رسمية ممتدة من يوم 25 ديسمبر/كانون الأول 2022، حتى01 كانون الثاني 2023، ولكن هذا القرار لم يكن كمكرمة من السيد الرئيس، أو احتفالا بأعياد المسيحيين الذين تقلص عددهم في عهد بشار الأسد من مليونين إلى 700 ألف، بل كان بسبب غياب إمكانية وصول الموظفين لمقرات عملهم، حيث تعطلت حركة السير بشكل عام في كل سوريا بسبب انقطاع مادة البنزين، ولم تستطع حافلات العمال في الشركات الحكومية الحركة. ولفهم واقع البنزين في سوريا علينا معرفة أن الدولة السورية قسمت مواطنيها إلى ثلاث فئات
فئة الفقراء: وهي الفئة التي لا تمتلك إلا سيارات طراز 2007 وما قبل، ولا تشمل هذه الفئة الأطباء والمهندسين والمحاميين، والتجار والصناعيين. وتقدم الدولة لهذه الفئة 25 ليتر في الشهر الواحد، بحيث تصل قيمة الليتر الواحد 2900 ليرة سورية “$0.48” مما يعني أن سعر الغالون “$1.9”.
الفئة المتوسطة: وهذه الفئة تتحصل على 25 ليتر في الشهر الواحد من مادة البنزين، بسعر 3400 ليرة سورية “$0.56” أي أن سعر الغالون “$2.128″، وتشمل عموم المستبعدين من الفئة الأولى.
فئة الأثرياء: وهي الفئة التي تشتري الوقود من السوق السوداء، التي تتغير أسعارها دائما
فعليا كمية 25 ليتر في الشهر الواحد غير كافية لأي أسرة، مما يدفع عموم السوريين لشراء مادة البنزين من السوق السوداء، مما شكل عبأ مالي لا يمكن تعويضه لأن متوسط دخل الأسرة لا يتجاوز 100 ألف ليرة سورية “$17″، لذا يضطر المغتربين أو اللاجئين السوريين لمساعدة من تبقى من أهاليهم بمبالغ بسيطة تساعدهم على الاستمرار في الحياة
بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022، توقفت الدولة السورية عن تزويد السوريين من الفئتين الأولى والثانية بأي كمية من المحروقات، وفجأة أصبح سعر الليتر الواحد في السوق السوداء 15,000 ليرة سورية “$2.5” أي أن سعر الغالون “$9.5″، وهذا بالتأكيد يجعل سوريا أغلى سعر في العالم بما يخص مادة البنزين
نوع البنزين المتواجد في الأسواق السورية رديء جدا، حيث تتحصل شركة (B.S)
المملوكة لعائلة قاطرجي[3] على النفط الخام من مناطق الإدارة الذاتية بقيمة 25 $ للبرميل الواحد، على أن تقوم بتكريره عبر مصفاتي حمص وبانياس مستعينة بشركة محروقات الحكومية[4]، ولا يمكن تصنيف وقود السيارات، لغياب وضوح كمية الأوكتان[5] داخل الليتر الواحد، وهذا الأمر جعل أعطال السيارات والمركبات الحكومية مستمرة، وبالتأكيد هذا الأمر مفيد لشركة (B.S) التي ستعتمد قريبا على سياسة فتح محطات محروقات خاصة بها، وتتضمن غرف لصيانة السيارات، بحيث تحتكر هذه المهنة إلى جانب احتكارها لبيع وقود السيارات بسعر محدد لها، وهو 5,700 ليرة سورية لليتر الواحد، أي ما يقارب $3.8 للغالون الواحد، وهو ما يقارب السعر الدولي

فعليا سياسة تقنين وقود السيارات، هي سياسة قديمة لطالما اعتمدها النظام السوري قبيل رفع أسعار الوقود، والهدف منها امتصاص السيولة المالية المتوفرة عند الطبقة المتوسطة، وتحفيز هذه الفئة لطلب المساعدة العاجلة من أقاربهم المقيمين خارج سوريا، وما يميز هذه المرحلة أنها جاءت بتزامن مع عطلة الأعياد، مما يضمن تحويل الهدايا من المغتربين إلى دولارات يجري ضخها في الأسواق السورية المتعطشة للقطع الأجنبي. أيضا تمثل هذه المرحلة، تهيئة واضحة لمرحلة انتهاء الدعم الحكومي للفئتين الأولى والثانية، بعد أن كان المستفيدين من كلا هاتين الفئتين ممتعضين من تردي أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية بدون وجود أي أفق للحل
المصدر الرئيسي للمادة: The enemies of the Autonomous Administration of North and East Syria
[1] https://www.addustour.com/articles/379374-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%AA-%D8%B9%D8%B7%D9%84%D8%A9-%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%B7
[2] https://sana.sy/?p=1803354
[3] OFAC designated Muhammad Qaterji and the Qaterji Company in 2018 pursuant to E.O 13582 for facilitating fuel trade between the regime and ISIS. OFAC also designated Muhammad’s brother Hussam pursuant to E.O. 13573 and the brothers’ company, Arfada Petroleum Private Joint Stock Company, under the Caesar Act in 2020. https://www.state.gov/report-to-congress-on-the-estimated-net-worth-and-known-sources-of-income-of-syrian-president-bashar-assad-and-his-family-members-section-6507-of-the-national-defense-authorization-act-for-fiscal-year/
[4] شركة محروقات “سادكوب”: تأسست عام ٢٠٠٨، وهي المحتكر الرسمي لعموم المحروقات سواء أكانت ديزل أو غاز منزلي، أو عاز للسيارات، أو حتى مواد الفحم وتلك القابلة للاشتعال: http://www.mahrukat.gov.sy/index.php?lang=1
[5] Octane: An octane rating is simply a measure of how heat resistant a fuel is in order to prevent knocking. In other words, octane doesn’t enhance combustion — it prevents the air-fuel mixture inside an engine from igniting before it’s supposed to. The higher a fuel’s octane, the more resistant it is to knocking. https://www.cenex.com/about/cenex-information/cenexperts-blog-page/fuel-efficiency/what-octane-ratings-really-mean-for-your-car