حقيقة الارهاب

 بقلم: عصام خوري

17/11/2015

الجهاديين الراديكاليين المتطرفين يعرفون ماذا يفعلون، اهدافهم واضحة وخطابهم مباشر وعدوهم علني. انهم باختصار لا يناورون على عكس الكثير من الدول الكبرى التائه بين محاربة الارهاب ومعايير حقوق الانسان التي تنتهكها الاجراءات الامنية. فتنظيم الدولة الاسلامية المستهدف من التحالف الدولي وروسيا حدد بنك اهداف له كانت بدايته في تركيا وصولا للطائرة الروسية في شرم الشيخ، ليتبعها بعد عدة ايام تفجيرات باريس الدامية يوم 13تشرين الاول/2015

Egybt 1965
Egypt 1967

 

انهم لا يكترثون للتهديدات الكلامية وغير ابهين للغارات الجوية، لابل نراهم يهددون الدول التي تحاربهم، ويستخدموا جملة شائعات لزرع الفزع في العالم.  سلاحهم بسيط هو بضعه متفجرات وقناعة راسخة ان الله سيستقبلهم، انهم لا ينظرون لنفسهم كمجرمين بل يرون انفسهم مبشرين لرسالة الله، هذه القناعة لم تأتي من فراغ او من تأثير زمني بسيط او حتى من مرض نفسي، هذه القناعة جرت منهجتها عبر عقود طويلة في مؤسسات شرعية دينية بمباركة من انظمة قمعية عسكرية ودينية ترفض المختلف وتحتقر كل من ينادي بالحرية. هذه الانظمة اسست مناهج مدرسية تبرر العنف وتعزز العنصرية، وتتغنى بالتاريخ كي تبرر فشلها في تطوير مجتمعاتها، كانوا يدفعون شعوبهم نحو الماضي كي لا يطالبوا بالاصلاح، وهو نفس السلوك الذي تطالب به الدولة الاسلامية العالم الاسلامي ان ينهجه متجاهلة جملة التطورات البشرية في كل العالم، لا بل ترى في وسائل التطور آدوات سخرها لها الله كي تفرض قيمها على شعوب الارض المتنوعة

5201430224442
Image processed by CodeCarvings Piczard

الانظمة في الشرق الاوسط هي انظمة منتجة للتطرف، همها الوحيد الحفاظ على كرسي الحكم. فالنظام السوري الذي ارسل آلاف الجهاديين لمحاربة الاميركيين في العراق هو الان يدعي محاربة الارهاب، وقبل اعلانه عن هذا افرج عن مئات الارهابيين من سجونه ليحولوا مشهد المظاهرات السلمية ضد نظام الاسد الى مشهد حرب اهلية تبرر عنف النظام.

بينما النظام السعودي الذي ينتهك كل حقوق المرأة بات اليوم في رئاسة مجلس حقوق الانسان، اما الايرانيين الذين يدعمون العديد من التنظيمات الارهابية كالجناح العسكري لحزب الله وتنظيم الجهاد الاسلامي وحماس نراهم اليوم شركاء مع  الروس والسوريين في غرفة عمليات امنية  لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية!!…

والمدهش في امر تحالفات الدول الكبرى مع الانظمة الشرق اوسطية هو غياب منطق المحاكمة الفكرية، ففي اجتماع فينا يوم 14تشرين الاول/2015 اتفقت 17 دولة على خريطة حل للملف السوري تضمن انتخابات مبكرة بعد 18 شهرا تحافظ فيها على علمانية الدولة السورية، وان تمعنا ببعض هذه الدول نتفاجأ بانها دول تعتمد في دساتير الشرعية الاسلامية مصدرا وحيدا للدستور، وهي في الان ذاته تعمل سرا على تغيير الهوية الشعبية العربية من هوية قومية عرقية الى هوية دينية اصولية وبسلوكها الباطني هذا اسست لنزاع “سني-شيعي” طويل الامد في المنطقة الشرق اوسطية، وهذا النزاع في مخرجاته ينتج تنظيمات متطرفة جهادية راديكالية كحزب الله وتنظيم النصرة

https://videopress.com/embed/Z8QsqN5k?hd=0&autoPlay=0&permalink=0&loop=0

تفجيرات باريس التي روعتنا جميعا لم تأتي بنتيجة فشل امني فرنسي، بل اتت نتيجة تصميم عقائدي لتنظيمات متطرفة من الصعب لجمها فهي لا تتحرك كجيوش انما تتحرك كأفراد او جماعات، وهي قادرة على التموه باللباس المدني وادعاء الاعتدال لتحقق غايتها الارهابية. هي جماعات تعرف كل الثغرات القانونية التي تمكن افرادها من النفاذ في المجتمعات المختلفة عنها، وسهل عليها ان تمتلك ادوات القتل بين المدنيين، فالجريمة عندها نهج عقائدي تنال منه الثواب والمكافئة.

فرنسا3

 

هذه الجماعات لا يمكن القضاء عليها بالصواريخ والطيران او حتى بالاجتياح البري، هذه الجماعات بحاجة لمحاججه فكرية تمنع عنها استقطاب الشباب وهذا لن يتم الا بتعزيز قيم الحرية والعدالة في عموم دول الشرق الاوسط، فطالما حكومات هذه الدول تقمع الحرية فان علاقة العداء بينها وبين شعوبها ستستمر وستولد جيلا مؤمنا بالعنف وسيلة لتحقيق مآربه.

Egybt 2015
Egypt 2015

ثقافة التسامح ليست من طبيعة المجتمعات الاسلامية، فالبنية القبلية ماتزال لليوم اساسا يتحكم في المشاعر حتى ضمن سكان المدن، فالثأر انعكاس طبيعي للظلم، وهذا الامر يتم استثماره من قبل التنظيمات الراديكالية المتطرفة، وساهمت النظم الحاكمة بتحميل الغرب سبب تخلف الشعوب العربية، مما جعل الغرب عدوا اولا لشعوب الشرق الاوسط، فجميعنا يذكر كيف رسم العلم الاميركي على احد مداخل  فنادق بغداد كي يدوسه الداخل والخارج من الفندق بينما كان الاطفال في المدارس يرددون تحية الصباح لحاكم البلاد المسمى “بابا صدام حسين البطل”، بينما الايرانيين كانوا يصفون الولايات المتحدة باسم “الشيطان الاكبر.

من الهام على المجتمع الدولي بعد احداث باريس ان يعيد قراءه سياساته وشراكاته، والسعي لدفع دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا نحو الديموقراطية الحقيقية، والابتعاد عن ثقافة العنف فالعنف يولد عنف في ظل غياب سياسات اعلامية وتربوية تشجع على التسامح وتعزيز معايير حقوق الانسان.

المقالة باللغة الانكليزية: Reality of Terrorism

 

Leave a comment