بقلم: عصام خوري
شبكات تهريب البشر لم تكن وليدة الثورة السورية، بل هي شبكات تعمل على الاراضي التركية ومنذ سنوات طويلة، وشهدت مرحلتي اوج الاولى بعد الانتهاء من حرب العراق 2003، وكان المهاجرين اغلبهم من جنسيات عراقية، وطرق تمريرهم كانت عبر الحدود السورية نحو تركيا ومن تركيا نحو اثينا استمرت هذه الهجرة من 2006 حتى نهاية 2010. حيث برزت بعدها قصص المهاجرين الليبين والمغاربة والسوريين، واللافت للنظر ان المهاجرين العراقيين مازلوا لليوم يسلكون الطريق نفسه
ونستطيع تقسيمهم عموم المهاجرين للاقسام التالية:
1- شخصيات ثرية ماليا: العراقيين منهم كانوا مستفيدين من نظام المالكي، فسعوا لنقل الكثير من اموالهم الى ذهب ومجوهرات، وسافروا من مطارات العراق نحو استانبول كسياحة ومن استانبول ارتبطوا مع شبكات التهريب التي توفر تنقلهم نحو اوروبا. السوريين الاثرياء لديهم سهولة اكبر في التنقل نحو تركيا، وهم من طرفي المعارضة ومن النظام ويسعون بمختلف الطرق للدخول نحو اوروبا للحصول على حياة آمنة، ومهمتهم الرئيسية هي بالية تحويل اموالهم لاوروبا، وهنا يكون دور شبكات التهريب المالية الضخمة التي تسيطر عليها مافيا روسية.
ويوجد فريق من المهاجريين المقيمين في الخليج العربي وهؤلاء باغلبهم يحصلون على فيز سفر سياحية من السفارات الاوروبية او الاميركية او الكندية، وما ان يصلوا الى اوروبا يباشروا في اجراءات اللجوء، معتمدين على حجة ان الخليج العربي لا يقدم استقرار او جنسية للسوري او العراقي العامل فيه.
2- شخصيات فقيرة: وهم ايضا يقسمون الى:
الاكراد: أي عائلة كوردية لديها اقارب في المانيا او بلجيكا او النمسا، وهؤلاء يسهلون نقل اقاربهم من اثينا نحو دول اوروبا الغربية، حيث يرسلوا بسبوراتهم لاقاربهم في اثينا بحيث يستخدم المهاجر الغير شرعي بسبور قريبه الذي يشبه وجهه، وفعليا اكثر المهاجريين هم اكراد، وهم عموما يشبهون بعضهم لحد بعيد مما يعقد الامر بالنسبة لضابط المطار.
العرب: عموم العرب السوريين والعراقيين يعبرون الحدود السورية-التركية بسهولة، ورغم التشديدات الامنية الجديدة التي ينتهجها الاتراك الا ان عمليه اختراق الحدود هي امر ممكن، وقد تتم بدون التنسيق مع شبكات التهريب بحيث تعاون اقارب اتراك لسكان المدن الحدودية السورية بان يسهلوا دخول المهاجر الغير شرعي عبر السياج لتركيا عبر تزويد الطرف السوري بتحرك الجمارك و الجندرما التركية على الحدود.

جنسيات غير عربية: الكثير من سكان مناطق افغانستان وباكستان وايران، سعوا للحصول على بسبورات سورية مزورة وادعوا انهم سوريين ليحصلوا على حق اللجوء في اوروبا، واجمالا عملية الحصول على هذا البسبور ليست بعملية معقدة جدا، فعموم شبكات التهريب ترتبط تاريخيا مع عناصر المخابرات السورية التي تبادر لطبع صورة ومعلومات أي شخص على وثيقة سورية وترسلها مقابل مبلغ مالي يتفاوت سعره بين 2000-9000 دولار، وهذا حسب شبكة التهريب وسرعة انجاز المهمة، بعض المهربين استطاعوا الحصول على اختام الحكومة السورية بعد سيطرتهم على دوائر النفوس في الرقة ودير الزور والحسكة وحلب، وبدؤوا هم بعملية طباعة وبيع هذه الببسبورات او “اخراج القيد، او شهادة لا حكم عليه او الهويات الشخصية”، طبعا لكل وثيقة سعرها الخاص والامر خاضع للمساومة حول السعر.
الطريق نحو اوروبا: الكثير من مقاهي شارع تقسيم في استانبول ترى فيها سوريين وعراقيين، وهؤلاء عنصر جذب لعملاء شبكات التهريب الذين يرسلون بعض الشبان للتعرف عليهم، وبعد سرد السوري او العراقي لمأساته يظهر الشاب تعاطفا معهم ويدعو احدهم للسير معه، ويتم الحديث عن فكرة البحث والسعي لايجاد اشخاص يساعدونهم في السفر نحو اوروبا كطريق وحيد للخلاص، طبعا الكثير من هؤلاء الشبان قد يكونوا نصابين، ولكن قسم اخر منهم هو جزء من منظومة تهريب تختار بعناية المكان والزمان المناسب للسفر ويتفق على ان لا يسلم المبلغ الا في اثينا.

1- طرق السفر من استانبول: قد يسافر المهاجر الغير شرعي من مطار اتاتورك في استانبول بعد حصوله على بسبور مزور قد يكون البسبور برتغالي او فرنسي وبكلفة تقارب 15 الف دولار، او يكون البسبور مكسيكي في حال كانت الوجه نحو الولايات المتحدة وعندها كلفة البسبور تقارب 20-25 الف دولار.
2- السفر عبر البحر: منذ منتصف عام 2015 توقفت حركة اليخوت التي تنقل مهاجرين غير شرعيين بسبب عقوبات تفرضها الحكومة التركية عليهم، واصبحت الوسيلة الافضل لشبكات التهريب هي استخدام قارب مطاطي يحوي موتور والطريق الاكثر شيوعا هو من منطقة ازمير نحو ثلاث جزر يونانية لعل اشهرها هي جزيرة كوريس، وكلفة التنقل عبر هذا القارب تتراوح ما بين 1100-800 دولار للفرد الواحد، واجمالا لا يفضل السفر في فترات هيجان البحر لذا اشهر الشتاء سيكون تدفق المهاجريين محدودا، لان السفر بمثابة مغامرة، بعض شبكات التهريب ما تزال لليوم تعتمد استخدام اليخوت وبكلفة تتراوح 2500-3000 دولار، على ان لا يرسوا اليخت على الشواطئ اليونانية، بل ينفخ القارب المطاطي من على اليخت وقبل الوصول للشاطئ يركبه المهاجريين ويسيرون نحو الشاطئ. ويرجح بعض من سافر بهذه الطريقة ان اصحاب اليخوت ينسقون حركتهم مع ضباط الامن الاتراك واليونانيين. فعليا مدة السفر بالقارب المطاطي لا تتجاوز 45دقيقة.

من اليونان نحو اوروبا: ما ان يصل المهاجرين الى الجزر اليونانية تنقلهم السلطات اليونانية نحو اثينا، والبعض منهم يستمر بتنسيقه مع شبكات التهريب التي تبادر لنقله عبر طريق بحري اخر من اليونان الى ايطاليا عبر كلفة مالية تقارب 6500 يورو. يضاف لها كلفة تنقل من الجزر اليونانية نحو اثينا بكلفة تقارب الالف يورو
الا ان هذا الطريق بات مكلفا مقابل طرق اسهل تتمثل بالطرق التالية
السفر من مطارات اثينا: حيث يحصل المهاجر الغير شرعي على بسبور مزور بكلفة تتراوح ما بين 2500-3000 يورو، عليه ختم لاحدى الدول الاوروبية ويتم تغيير صورة البسبور او اعتماد بسبور احد اقارب المهاجر الذي يشبهه، وينبه المهربين المهاجريين بضرورة عدم اشعار ضباط المطار بالقلق وضرورة الابتسام الدائم. وحتى في حال اكتشاف الضابط اليوناني عملية تزوير البسبور يكتفي بطرد المهاجر من المطار ليسعى الاخير للحصول على بسبور اخر من مهرب آخر، واجمالا المهربين كثر في اليونان وهم يتحركون بطريقة لا فتة امام الفنادق وفي المقاهي ويتحدثون بحرية مما يعطي انطباعا ان الحكومة اليونانية تتجاهلهم او هم جزء من حركة الفساد العامة في اليونان.
بعض الحالات المسيحية التي كشفت ببسبورها المزور في المطار تم التغاضي عنها من قبل ضباط المطار وسافرت نحو اوروبا
السفر برا: الغالبية تنتهج هذا الطريق لكلفته الرخيصة نسبيا فاجور النقل من اليونان الى مقدونيا ثم صربيا تقارب 10 يورو بالباص، وما ان يصلوا لحدود مقدونيا تبادر الحكومة لنقلهم بحافلات نحو الحدود النمساوية. او يسافروا عبر الباص بكلفة تقارب 40 يورو ليصلوا لالمانيا البلد المفضل للمهاجريين حاليا وتستغرق عملية السفر قرابة 12 ساعة
Near the Greek village of Idomeni, September 10, 2015. REUTERS/Yannis Behrakis
او يستخدم القطار بكلفة تقارب 200 يورو واحيانا قد يحصل المهاجر على تذكرة القطار بكلفة اقل ان حجزها عبر الانترنيت 120 يورو. الكثير من اقارب المهاجرين الغير شرعيين يبادرون لعمليات الحجز في القطار او الباصات منذ لحظة وصول المهاجر الى الاراضي اليونانية، فالقسم الشديد الخطورة هو البحر فقط

اجراءات تنظيم الهجرة: طالما نظام الاسد والجماعات الارهابية موجودة على الارض السورية والعراق فان مبرر الهجرة لن يتوقف فكلاهما مجرمين يهددان امان المدنيين، وجميع الاجراءات الامنية التي يتعاون فيها الاوروبين مع الاتراك لن اتخيلها ستنجح، فالحدود التركية-السورية طويلة جدا، ايضا قرار الحكومة التركية الذي سيطبق يوم 8كانون الثاني 2016 بفرض فيزا على دخول السوريين لن يلتزم به الا الاثرياء او الملتزمين بفكرة السياحة، اما بقية السوريين والعراقيين فهم قادرين على خرق الحدود والوصول برا الى نقاط التهريب الرئيسية، وقد تؤدي الاجراءات الجديدة الى زيادة كلفة المهاجر الغير شرعي.
وبراي الشخصي اتمنى لو تشرّع الحكومات الاوروبية قانونا يمنع استقبال المهاجريين الغير شرعيين بداية عام 2016، وتنظم عمليات استقبال حصرية للاجئين المسجليين في المفوضيات العليا للنازحين في لبنان والاردن وتركيا، فهؤلاء هم الاشد حاجة انسانية، فعموم المهاجرين الغير شرعيين اخذوا اماكن هؤلاء المسجليين في المفوضيات. ايضا الشخصيات التي هاجرت بطريقة غير شرعية هي شخصيات ارتبطت مع مجرمين اسمهم “شبكات تهريب دولية” لتنظيم الية سفرها، وللاسف حكومات اوروبا تراعي من ارتبط مع مجرمين وتهمل من التزم بالقانون الدولي ومفوضية اللاجئيين!
ملاحظة/ المادة كتبت في 4/ كانون الثاني/2016