ورطة حلفاء الأسد في لبنان والعراق

بقلم: عصام خوري //جريدة الجمهورية//

14/09/2013

Untitled-15.jpgإنهيار النظم العسكرية في دول الربيع العربي هو مشروع واضح بدأ في العراق عام 2003، وها هو يستمر ليطوّق عموم الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا. طبعاً تذكيرنا بالعراق ليس عبثياً، بل هو تذكير بتاريخ انهيار منظومة الحزب القائد للدولة والمجتمع.

الرئيس بشار الأسد في دمشق وعبر موافقته على المبادرة الروسية، يسير على خطى سلفه في البعث العراقي، نعم الأسد اليوم يمهّد لمشروع تدمير كل الجيش السوري، والخطر الأكبر أنّ زلزال التدمير هذا لن يقتصر على حدود ترسانات سلاح سوريا، بل سيمتد إلى كل حلفاء الأسد…
نعم فالإتهام المقبل بعد تدمير ترسانة كيماوي سوريا، هو أنّ جزءاً من هذه الترسانة نُقل إلى حلفاء دمشق، وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ قراراً حاسماً بتطويقها كي لا تكون في يد جماعات إرهابية تهدّد أمن منطقة الشرق الأوسط.الأسد وحلفاؤهفكرة فتح مخازن دمشق العسكرية أمام فرق التفتيش الدولية التي ستسعى للتأكد من تدمير سلاح الأسد الكيماوي، ليست قضية سورية خالصة، فبعد الرصد الإعلامي الدقيق والتصريحات النارية من قبل الأمين العام لـ”حزب الله”، والظهور الواضح لألوية أبو الفضل العباس في السيدة زينب في دمشق، سيجعل كل من دولتي العراق ولبنان في آتون الرقابة المستقبلية على ودائع كيماوي سوريا.

لذا فإنّ كل يوم حكم أطول للأسد في الحكم، هو بمثابة ورطة أكبر لحلفاء دمشق، فالمجتمع الدولي سيسعى لمشروع أوسع، وهو تجريد الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل من السلاح الكيماوي والنووي.

من هنا نفهم الآن تكثيف تصريحات الرئيس الإيراني روحاني، التي يبدي فيها انفتاحه للحوار حيال ملف بلده النووي، فالخطوط الحمر التي تحدث عنها الرئيس الأميركي باراك أوباما، هي خطوط حماية أمن اسرائيل، وهذا يعني ضرورة نزع كل الصواريخ القادرة على حمل رؤوس كيماوية أو نووية، بالإضافة إلى تدمير أي نوع من أنواع السلاح الكيماوي في المنطقة. لقد كررها الأسد (إنّه يثق بحلفائه، وحلفاؤه لن يتخلوا عنه).

الّا أنّه وعبر رداءة أدائه السياسي الإستراتيجي، قد ورّط كل حلفائه، أو قد يكون الأسد ذكياً إلى درجة أنّه جزء من مخطط كبير هدفه تفريغ المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وهذا الدور بالطبع قد ينجّيه من ذيول الرقابة العقابية حول حيازته لهذه الأسلحة واستخدامها في حال ثبت بالدليل القاطع عملية استخدامها بقرار منه .

المعنى القانوني لتجريد السلاح الكيماوي

لا يستطيع القانون الدولي معاقبة نظام دولة، أو دولة الّا اذا توافرت لخبرائه دلائل واضحة حول العاملين التاليين:

– ثبات وجود سلاح كيماوي في مستودعات الدولة.

– ثبات وجود أضرار ناجمة عن استخدامه (اصابة جماعات بشرية).

فعلياً كلا البندين متوفران في الحال السورية، فقد أقرّ النظام السوري بامتلاكه سلاحاً كيماوياً منذ تصريح الناطق الإعلامي السابق بإسم الخارجية السورية السابق جهاد مقدسي “لن نستخدم السلاح الكيماوي الّا إذا تعرّضنا لخطر خارجي”.

كما أقرّ النظام بوجود استخدام له عندما صوّر جنوده وقد أصيبوا في منطقة جوبر … إنّ مجرد إقرار النظام بهاتين الحادثتين، هو دلالة واضحة على فقر دبلوماسيته في إدارة الأزمة السورية، فمشكلة المجتمع الدولي ليست في من استخدم السلاح الكيماوي، بمقدار وجود هذا السلاح وغياب قدرة الدولة على الحفاظ عليه، فوصول هذا السلاح إلى جماعات المعارضة واستخدامها ضد جنود النظام هو عامل إدانة للنظام السوري، وقد يسبب في ضرورة إسراع المجتمع الدولي في طرح مبادرة حضانة لهذا النظام العاجز عن حماية مستودعاته العسكرية والكيماوية.

والآن، فإن إقرار المعلم بأنّ النظام السوري سيقبل بتسليم سلاحه الكيماوي للمجتمع الدولي، سيحتّم على دمشق الإقدام على الأمور التالية:

– فتح كلّ مقراتها العسكرية والرسمية وتلك التي يُشتبه بها للمراقبين الدوليين كما حدث في العراق.

– تكليف خزينة الحكومة السورية بنفقات المراقبين وآلية عملهم التي تهدف لتجميع السلاح وإتلافه ضمن الشروط البيئية المناسبة.

– إطلاع المراقبين على كل السجلات، والتأكد من كمية المخزون الكيماوي.

– محاسبة الموردين ومتابعة الناقلين لهذا السلاح.

– توفير تقارير عن الكميات المستخدمه منه، وتلك المسربة عنه، والمسروقة منه.

– إقرار مشاريع قوانين في حق الدول أو التنظيمات التي من الممكن أن تملكته أو تلك التي حصلت عليه من النظام، أو التي باعها النظام أو بعض الفاسدين منه لجماعات إرهابية أو مصنفة إرهابية أو لتجار سلاح دوليين.

– إتلاف الصواريخ البالستية أو بعيدة المدى القادرة على حمل رؤوس كيماوية تهدد أمن دول الجوار.

الكيماوي بين لبنان والعراق

إنّ وجود البوارج الحربية في مياه المتوسط ليس عملية ضغط على نظام الأسد وحسب، بل هو عملية ممنهجة لرصد كل سواحل شرق المتوسط، وإدراك أي ثغرات تكون غافلة عن قوات “اليونيفيل”.

وإشتراك “حزب الله” بشكل علني مع نظام الأسد، بالإضافة إلى وجود شراكة نقل سلاح وخبرات عسكرية خلال حرب تموز 2006 ، وإقرار الأمين العام لحزب الله بها في أكثر من مناسبة، سيعني أنّ احتمال وصول هذا السلاح لحزب الله أمر ممكن، خصوصاً وأنّ تجارة السوق السوداء للسلاح رائجة في الأراضي السورية.

نعم المجتمع الدولي لن يسمح لـ”حزب الله” بامتلاك هكذا سلاح، وهنا قد يقدّم مشروع قرار دولياً ضد حكومة لبنان “حزب الله شريك فيها” يفيد بضرورة التفتيش عن أسلحة كيماوية موجودة ضمن الأراضي اللبنانية، والحكومة اللبنانية لن تستطيع الرفض، فهي حكومة مأسورة بالقرار السوري على رغم مساعيها الإعلامية بسياسة النأي عن النفس، وطبعاً هكذا قرار لن يلقى الرفض من أنصار فريق 14 آذار، مما يعني دخول لبنان في نفق مظلم سببه رداءة الدبلوماسية السورية.

الأمر ذاته سينعكس على العراق، فعلى رغم إخراج الحزب الديموقراطي للقوات الأميركية من العراق، وهيمنة حكومة نوري المالكي على العراق، الّا أنّ نفوذ معارضيه ما يزال موجوداً، وهم لن يسمحوا بوجود سلاح عند ميليشيات طائفية دون غيرها من العراقيين، أو قد تستخدم ضدهم في حال استعار نزاع طائفي، من هنا قد نرى سيناريوهات معدّة نحو تقليم أظافر إيران في العراق، وهذا الأمر قد ترضى به حكومة روحاني، التي تتخوف من مرحلة وصول الجمهوريين إلى حكم البيت الأبيض، وهم المعروفون بصلابة توجهاتهم وابتعادهم عن سياسة اللين وانتهاز الفرص التي تميزت بها رئاسة أوباما لدورتين إنتخابيين متتاليتين.

 

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s