بقلم: عصام خوري
رأس السنة ٢٠٢٣، لم يكن يوما احتفاليا كما هي العادة في سوريا، حيث تزامن انقطاع الكهرباء (٢٠ ساعة في اليوم)، مع تزايد عالي في عموم المنتجات وصل إلى ما يزيد عن ١٠٠٪.، ولم تنفع المنحة المالية[1] التي قدمها الرئيس الأسد يوم ١٥ كانون الأول للعاملين والموظفين بقيمة 100 ألف ليرة سورية ($16) في إنعاش الأسواق السورية قبيل رأس السنة، لأنها باتت جزء من حركة التضخم العامة في سوريا

فالعملة السورية تداعت بعد منحة الرئيس ليصل سعر الدولار يوم 27 كانون الأول 2022 إلى 6700 ليرة سورية، بعد أن كان قبل ثلاثة أيام 6000 ليرة سورية، وهذا يدلل وبوضوح أن المغتربين السوريين واللاجئين في أوروبا لم يحولوا الكميات المالية المتوقعة من النقد الأجنبي لذويهم خلال فترة الأعياد، مما جعل خزينة الدولة السورية بحالة عجز واضحة
طبعا سعر الدولار لم يقف عند هذا الحد، بل تزايد في الأسبوع الأول من 2023 ليصل إلى 7250 ليرة سورية، أي لم ينفع اللقاء التركي-السوري[2] عبر الوسيط الروسي يوم 28 كانون الأول 2022[3]، في تحسين واقع صرف الليرة السورية المتهاوية
فعليا الإيرانيين كانوا يرغبون بأن يكونوا شركاء للروس في عملية التنسيق السوري-التركي، لذا قرروا وقف امداد النظام السوري بالنفط بسعر مخفض، وطالبوا بسعر $70 للبرميل الواحد، وهذا ما أشارت له صحيفة “وول ستريت جورنال”[4] يوم 15 يناير /كانون الثاني 2023، طبعا هذا الخبر دقيق جدا، فقد تبين للإيرانيين أن النظام السوري أوقف برنامج دعم مخصصات المحروقات المدعم للمواطنين، مما يعني أن فائض الأموال يذهب للفرقة الرابعة، ولشركة قاطرجي التي باتت تنسق أعمالها مع صهر بشار الأسد “باسل شوكت” وهو ابن آصف شوكت الذي ينظر له الإيرانيين بأنه أبرز المتهمين بمقل الحاج عماد مغنية[5] الذي اغتيل في دمشق يوم 12 فبراير/شباط 2008
باسل شوكت ابن بشرى الأسد، كان مقيما في دولة الإمارات العربية المتحدة، لذا لم تستطع السلطات الإيرانية تهيئته ليكون شابها الجديد في سوريا، كما من المرجح أنها لن تستطيع، فالأخير يدرك أن لإيران والفريق العامل في أمن الدولة الذي كان يرأسه آنذاك علي مملوك يدا في مقتل أبيه فيما سمي “انفجار خلية الأزمة”[6] يوم 18 يوليو/تموز 2012
الإمارتين أدركوا أن الاقتصاد السوري على شفى الانهيار، لذا بادر وزير الخارجية الإماراتية عبد الله بن زايد آل نهيان[7] يوم 4 كانون الثاني لزيارة دمشق[8]، وبعد تلك الزيارة بدأ سعر الليرة السورية بالتحسن التدريجي ليصل إلى 5700 ليرة سورية، يوم 12 كانون الثاني 2023
طبعا انخفاض الدولار تزامن مع توجه حكومي يوم 2 يناير /كانون الثاني 2023، قضى برفع سعر صرف الدولار في الدوائر الرسمية ليصبح 4,545 ليرة سورية، بعد أن كان 3,000 ليرة سورية، والهدف من هذا التغيير تحفيز المغتربين على إرسال الأموال عبر التحويلات الرسمية، وعدم الاعتماد على الصرافين في السوق السوداء
حقيقية هذا الاجراء جيد، ولكنه لا يتناسب وواقع سعر صرف الليرة السورية الحقيقي، لذا لم يحقق هذا الاجراء النتيجة المرجوة، من هنا ندرك أن تحسن سعر الليرة السورية جاء بعد مساعدة إماراتية للخزينة السورية، وعلى الأرجح هذه المساعدة لم تكن كبيرة كي لا تغضب واشنطن التي تفرض على دمشق عقوبات اقتصادية، لأن سعر الدولار عاود الارتفاع يوم 18 يناير/ كانون الثاني 2023، ليصل إلى 6,500 ليرة سورية
من هذا الواقع نستنتج التالي
- سعر الدولار تخطى عتبة 6400 بشكل لا يمكن التراجع عنه
- الاشاعات التي تصدرها المخابرات السورية، تساهم بتخفيض مؤقت لسعر الدولار، ولكنه ما يلبث وأن يعود لسعره الحقيقي.
- الحوارات السياسية التركية-السورية، أو الإماراتية-السورية، لا تنفع الاقتصاد السوري.
- الإيرانيين مصرين على أن يكونوا جزء من الحل في سوريا، وبشار الأسد لا يمتلك القدرة على تحيدهم، وهذا ما دفع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للقاء وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو يوم 17 يناير/كانون الثاني 2023، مؤكدان على ضرورة التنسيق المشترك بخصوص سوريا وفق اتفاق استانا، متجاهلان تصريح الأسد يوم 12 يناير/ كانون الثاني: “التقارب مع تركيا بوساطة روسيا يجب أن يهدف إلى إنهاء احتلال أنقرة لأجزاء من سوريا”[9]
- الإماراتيين هم الأقرب للأسد، وهم غير مرحبين بالتصالح التركي-السوري، فبعد زيارة عبد الله بن زايد آل نهيان لدمشق، تغيرت اللغة الرسمية السورية تجاه تركيا، حيث صرح بشار الأسد بضرورة “إنهاء احتلال أنقرة لأجزاء من سوريا”[10]
- واقع المحروقات مزري جدا، فمنذ بداية العام الحالي ينتشر بائعي مادة البنزين المهرب من لبنان في الشوارع السورية بدون أية رقابة حكومية، ويبيعون الليتر الواحد بسعر 10 آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل ($1.5)، في حين توزع الدولة عبر محطات الوقود لكل أسرة شهريا 25 ليتر بالسعر المدعم، والذي قيمته 3400 ليرة سورية لليتر الواحد “$0.52” أي أن سعر الغالون “$2″، شريطة أن تكون من الفئة الفقيرة، وفعليا هذه الكمية غير كافية لأي أسرة
- بائعي مادتي المازوت والبنزين المنتشرين بالشوارع، يحصلون على مواد البيع من قبل الفرقة الرابعة، ومن عناصر حزب الله، مما يدلل أن كلا الطرفين أقوى من الدولة السورية
[1] https://www.sana.sy/?p=1803854
[2] لقاء وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، ومدير المخابرات، هاكان فيدان، بوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، ووزير الدفاع في النظام السوري علي محمود عباس ورئيسي المخابرات السورية والروسية في موسكو.
[3] https://www.alhurra.com/syria/2022/12/28/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-11-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D9%88%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AA
[4] https://www.wsj.com/articles/iran-restricts-supply-of-cheap-oil-to-syria-leaving-ally-in-crisis-11673755436
[5] https://www.aljazeera.net/encyclopedia/icons/2014/9/23/%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D8%BA%D9%86%D9%8A%D8%A9
[6] https://www.reuters.com/article/oegtp-syria-bombing-sk5-idARACAE86H09320120718
[7] https://arabic.cnn.com/tag/bdallh-bn-zayd
[8] https://twitter.com/al_ryast/status/1610667052423077888?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1610667052423077888%7Ctwgr%5E7562ae4a476b7d9836aacdebc9f1da29efd2cf70%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Farabic.euronews.com%2F2023%2F01%2F04%2Fuae-foreign-minister-meets-assad-in-damascus