بقلم: عصام خوري //جريدة الجمهورية//
12/03/2015

إن تجربة حمص انتصار طرف على آخر لا مبادرة. طبعاً قد يُعتبر البعض أنّ «النجاح هو حال نسبية ولا يمكن أن يكون مطلقاً في حالات الحروب الاهلية». وهذا القول صحيح إن كانت المبادرة شاملة كما حدث في مبادرة الطائف في لبنان التي أنتجت حقن الدم المدني اللبناني.ولكن في التجربة السورية هناك كما يبدو مبادرة لكلِّ مدينة، وهذا «هزائم متوالية» بالمعنى الاستراتيجي. تجربة حلب مختلفة تماماً عن حمص، لأنّ المعارضة في حمص كانت محاصَرة، بينما في حلب العكس.
الخطأ الاكاديمي لديمستورا أنّه يطرح مدينة حلب كجزيرة منعزلة عن محيطها، وهذا الامر يمكن استساغته في محاضرة او ورشة عمل، ولكن لا يمكن أن يفهمه الإنسان الحلبي خصوصاً الريفي الذي اعتاد تاريخياً أن ينزل إلى حلب ليدير أموره الادارية كاملة، وكون المعارضة المسلّحة الحلبية جلّها في الريف، فهم نفسياً غير قادرين على تخيّل أنفسهم من دون حلب المدينة.
المبادرة أيضاّ لم تراعِ توازنات القوى المعارضة عسكرياً، ففكرة أن تقبل المعارضة السورية باتفاقية ديمستورا يعني أنّ المعارضة المسلّحة الاجنبية «الجهادية» ستتحوّل إلى عدوٍّ للمعارضات المسلَّحة الحلبية السورية، ولا يجب أن نتناسى أنّ تنظيم «النصرة» حارب التنظيمات الموالية للتحالف الدولي في حلب وجردها من سلاحها، فما بالك بالتنظيمات التي ستقبل التصالح مع الاسد!!!
يُضاف لهذا الواقع المعقَّد عسكرياً وجود قرابة مليوني نازح في تركيا لا يستطيعون العودة لسوريا إن لم تشتمل خطة ديمستورا على تأمين مناطق الريف الحلبي بالاضافة للمدينة، خصوصاً أنّ الريف هو الاكثر دماراً إذا ما قورن بحلب المدينة، وهذا الامر بالحقيقة لم تراعه خطة ديمستورا، ما جعلها بعيون أبناء الريف الحلبي خطة تحاكي برجوازية وبرجوازيي حلب الذين كانوا دائماً في صف النظام السوري. ما دفع المعارضة السياسية والعسكرية إلى اعتبار هذه الخطة تصبّ في مصلحة النظام.
بدائل خطة ديمستورا
لا توجد حالياً مبادراتٌ باستثناء خطة ديمستورا، وهذا بحق هو أمر خطير، لأنّ الازمة السورية تُختزل اليوم بمدينة واحدة، ما يعني استهتاراً بحقّ الدمار والقتلى السوريين المنتشرين على كلّ الارض السورية.
سوريا اليوم بثورتها ونزاعاتها العسكرية المتعدِّدة تحتاج إلى منهجية تنظّم أولويات الحلّ، واولى الاولويات هي: طرد العنصر المؤسس لامراء الحرب: وهنا علينا الحديث عن مصير الاسد، لأنّ وجوده يعني استمرار النزاع العسكري، ومن الضروري أن تترافق عملية إقصائه مع تعهدات جدّية من الدول النافذة على الجماعات المسلَّحة بضرورة أن تجمّد حركتها العسكرية لحين الوصول لطاولة حلٍّ سياسية.
مرحلة الحكومة الانتقالية: ويُفترض أن يقودها نائب رئيس الجمهورية المتعاون مع المعارضة المعترَف بها من مجموعة أصدقاء سوريا، بالاضافة لممثلين معارضين يمثّلون وجهة النظر الروسية، ونشطاء مجتمع مدني. ويكون على كاهل هذه المعارضة المدعومة دولياً وفق البند السابع بناء دستور جامع يضمن حقوق الانسان ويحقق العدالة ويضمن أماناً انسانياً قانونياً للجميع.
من دون هاتين الخطوتين النزاع العسكري سيستمرّ ويجلب مزيداً من التطرّف والعصبيات الدينية والطائفية ليس على سوريا وحدها بل لعموم المنطقة، وقد نرى مبادرات دولية عدّة فارغة المحتوى هدفها تمرير الوقت لإشعار الشعب بمزيد من اليأس علّه يرضى بالأهون.
تجربةُ حلب مختلفة تماماً عن حمص، لأنّ المعارضة في حمص كانت محاصَرة