حقوق الإنسان من اجل الجميع

بقلم: عصام خوري

06/01/2009

xremdh-logo-new-mod.png.pagespeed.ic.fMfT9j1SBM.pngسعت السلطات السورية إلى تقويض الحركة الحقوقية في سوريا مستخدمة مختلف معايير التحجيم من منع تجمعات إلى إغلاق منتديات وصولا لاعتقالات ومنوعات سفر لعدد من النشطاء. لكن اللافت خلال العام الماضي واستمرارا لهذا العام التوجه الرسمي نحو الاهتمام بتدريب العديد من الكوادر الامنية وقطاع الشرطة على معايير حقوق الانسان.
إن هذا التوجه على الرغم من حملة الاعتقالات الأخيرة خلال العامين الأخيرين إنما يدلل على ترسخ أهمية حقوق الإنسان عند السلطة الرسمية السورية، وإدراكها هول الإقصاء الذي تعانيه المؤسسة الرسمية في المنتديات العالمية والاقليمية.
فالشراكة الأورو- متوسطية تنتظر الاصلاحات الاقتصادية السورية وتحسن سجل حقوق الانسان من أجل توقيع الشراكة مع سوريا، ومنظمة التجارة الدولية لا تستطيع تصور اقتصاد حر في سوريا بغياب تطبيق معايير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولو بحدودها الدنيا.

فتبرير عديد من الأجهزة الأمنية لمنع سفر عدد من النشطاء المدنين بعد سلسلة الدورات سالفة الذكر، قائم على معيار “ضرورة التواصل بين النشطاء المدنيين والسلطة، ما داموا غير متعاملين مع جهات تنيط السوء للنظام السوري”، بينما يرى عدد من الحقوقيين في هذا الرأي أنه قائم على مبدأ القوة التي تتميز بها الأجهزة الأمنية، حيث تسعى هذه الأجهزة لخلق عملاء لها داخل مؤسساتهم المدنية تبعد عنها سمة الاستقلالية التي تعد عماد مفهوم العمل المدني في العالم.
إن هذين الرأيين على الرغم من تناقضهما الكبير، إلا انهما يدلان على مدى تفهم كلا الطرفين لحاجات كل واحد منهما.
إشكالية الأجهزة الأمنية في سوريا أنها قائمة على اساس مركزي، فلو برزت شخصية أمنية سورية قادرة على التعاطي المميز مع النشطاء المدنيين بعد إمتلاكها للأدوات الحقوقية المدربة عليها مؤخرا، فإنها قد تخفق في ابراز وجهة نظرها أمام قيادتها المركزية في السلطة الأمنية الأعلى منها رتبة. من هذا الجانب يرى الحقوقي أن تمكن الأجهزة الأمنية من البنود الحقوقية، إنما هو مسخر لهدف تقويض الحركة المدنية بشكل ممنهج، أكثر مما هو قناعة حقيقية بهذه الحقوق لهدف إخراج سوريا من عزلتها.

وفي جانب آخر نرى بعض النشطاء السوريين ذوي الخلفية السياسية السابقة، معتمدين في عملهم المدني على آليات العمل السري التي كانوا يمارسوها في أحزابهم السرية، مما يعيق اندماجهم الفكري أو العملي مع المنظومة الأمنية في الدولة السورية، القائمة على نظام مؤسساتي أمني قوي وفاعل في أغلب جوانب الحياة، وهذا الأمر انعكس سلبا على مختلف النشطاء المدنيين في مختلف الحقوق الغير سياسية، حيث وضع كل النشطاء السوريين في خانة الإتهام الأمنية، طبعا مع تفاوت في سلوك التعامل من قبل هذه الاجهزة معهم.
فلو أشهر الناشط المدني عن مختلف أنشطته وتحركاته في وسيلته الإعلامية “الموقع الالكتروني”، فإنه مضطر للذهاب نحو الأجهزة الأمنية للنقاش حولها… ويأتي السؤال الامني له، بطريقة الشك وبرغبة عارمة في اقتصاص المعلومة بشكل غير مباشر، وفي نهاية الأمر يأتي السؤال مباشر وبصيغة اتهاما او تحذيرا، كل هذا الأمر من خلال استدعاء أمني بات معروفا تحت عنوان “دعوة لشرب فنجان قهوة”.
و يأتي أسف النشطاء المدنيين الغير سياسيين من عدم قدرة المحققين الأمنيين، على تغيير أسلوبهم معهم، رغم علنية كل أعمالهم، وقد يضطر هؤلاء النشطاء مستقبلا لانتهاج أسلوب سرية العمل وغياب علانيته مؤديين لكسر أهم ركن من أركان العمل المدني في العالم القائم على عملية “إشهار النشاط والهدف والرسالة”.

إن الأجهزة الأمنية والنشطاء الذين ينتهجون السرية في عملهم يرتكبون أخطاء جسيمة في حق العمل المدني السوري، لأن كل منهما يسعى من طرفه لحماية مؤسسته، بالطريقة السرية التي تتنافى مع معايير الشفافية، والشفافية هي الغذاء الروحي الواجب وجوده بين أفراد مجتمعنا الطيبين من أجل تحقيق مجتمع التوائم الذي يرفع من مكنون الفرد ليخلق شخصية المواطن السوري الشريف والغيور على احتياجات وطنه.
فالجهاز الأمني السوري بكل جبروته هو أقوى من أي مؤسسة مدنية مهما علي شأنها، وبدورها أية مؤسسة مدنية تحتاج إلى الاستقرار الذي توفره الأجهزة الأمني، ولا شك بأن المجتمع السوري بعموم مؤسساته الإدارية وأفراده المستقلين يحتاجون معايير حقوق الانسان من أجل بناء دولة الحداثة والديمقراطية السورية.

 

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s