بقلم: عصام خوري //جريدة الجمهورية//
16/09/2013

الشقّ الأول المتمثل بحماية دول الطوق السوري، يفرض تغيّب قدرات قتالية نافذة للسوريين في تهديد تلك الدول، وهذا ما اقدمت على فعله روسيا، حينما وفّرت للنظام امكانيات تسليح عالية جعلته متفوّقاً على ميليشيات “الجيش السوري الحر” في حرب العصابات في بعض المناطق، وفي الوقت عينه منعت عنه منظومة اس 300 وطائرات متطوّرة. ممّا يعطي رسالة واضحة للنهج الروسي المطالب بتصفية الجماعات الراديكالية الجهادية في سوريا، كي لا تنتقل من جديد إلى البلقان وتهدّد أمن الكرملين.
بينما يمارس الأميركيون ثقافة التهديد والوعيد والترهيب على نظام الاسد، ولعلّ أوضح رسالة في هذا الشأن كانت إطلاق طوربيدين من منتصف المتوسط في اتجاه شرق المتوسط، ما اظهر ضعف أداء الرادارات السورية عن رصد أي جسم متحرك قد يضرب دمشق.
الشقّ الثاني المتمثل بجنيف2، هو شقّ هدفه ترتيب البيت الداخلي السوري، ومنعه من الفوضى التي تهدّد جيرانه، فالغرب الرافض لوجود الاسد على رأس السلطة، لا يستطيع اقناع الروس ببديل مقنع، لذا فإنّ مهمة “جنيف2” ان يوجد حكومة انتقالية جديدة قادرة على لمّ البيت السوري، ومنع استعار حرب اهلية وطائفية لمدة زمنية طويلة.
قوة النظام السوري
تكمن قوة النظام السوري العسكرية في امتلاكه أسلحة كيماوية، وصواريخ قادرة على حمل رؤوس كيماوية، وهذا ما لا ترضى به روسيا او أميركا. فالخط الاحمر دولياً لا يعني استمرار قتل النظام لشعبه، او وصول تعداد القتلى لما يتجاوز 150 الف قتيل بين عسكريين ومدنيين، بل الخط الاحمر أن يكبر رأس النظام لأن يفكر يوماً من الايام بضرب الأراضي الإسرائيلية بصواريخ كيماوية.
الغرب والبرلمانات
ثقافة الثورات العربية حملت مفهوماً عريضاً وهو ضرورة احترام القيم الديموقراطية وضرورة احترام الشعوب. فالغرب اليوم مثقل بأزماته الاقتصادية، واي تصرف فردي من رأس أي دولة يعني تنامي العتب على الحزب الحاكم، وخسارته لأية انتخابات مقبلة، لذا فإنّ ادارة الديمقراطيين في البيت الابيض وبعد ابتعاد البريطانيين عن المعركة، جعلتهم مجبرين على ان ينظروا لرأي برلمانهم، وهنا نكون امام احتمالين واضحين:
– في حال وافق البرلمان: فإنّ الضربة الاميركية على النظام السوري ستكون قاصمة بما لا يدع مجالاً للشك. فأي انتقاد قد يطاول أوباما، سيطاول الشعب الاميركي عبر ممثليه في البرلمان، الذين وافقوا على هذه الضربة.
لذا لن تكون الضربة تأديبية، بل ستكون قوية لدرجة تجعل المعارضة تنتصر في فترة زمنية بسيطة على الجيش النظامي، وحينها ستكون المعارضة السورية وكتائب الجيش الحر مدينة للنظام الاميركي الذي دعمها في حربها ضد النظام السوري، ما يرجّح أن تفرض الولايات المتحدة او “حلف شمالي الاطلسي” شروطاً على التغيير السياسي، مثل:
– السماح بإقامة قاعدة عسكرية متقدمة للأطلسي في وسط سوريا.
– عزل السلاح الكيماوي السوري ضمن خطة دولية.
– تنظيم الجيش والامن السوري ضمن معايير تناسب السياسة الغربية.
– في حال عارض البرلمان: لن يستطيع أوباما ان يقصف الاسد، لكنه وعبر بوارجه العسكرية الكبيرة سيمنع أي احتمال لضرب إسرائيل بأي صاروخ من قبل النظام، او قد يوفّر عبر هذه البوارج دعماً لوجستياً عسكرياً لإسرائيل لضرب الاسد في حال قرّر الأخير ان يزعج أياً من جيرانه.
طبعاً حجة الكيماوية باتت جاهزة، ولا يمكن للبرلمان الاميركي ان يتغاضى عنها بشكل ساذج، بل قد تكون صيغة الرد البرلماني على اسئلة اوباما في حال الرفض على الشكل التالي: “إنّ الاميركيين ملزمين بالدفاع عن حلفاء اميركا في الشرق الاوسط، ان قرر الاسد مضايقتهم”، طبعاً هذا الامر لن يندرج فقط على اسرائيل، بل سينطبق على تركيا العضو في حلف “الناتو”.
من هنا ستكون البوارج الاميركية في المتوسط بمثابة العصا الغليظة للنظام، وهذه العصا ستعرقل الكثير من خططه العسكرية، وخصوصاً في قطعاته الهامة كالحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ومخازن التسليح الكيماوية.
السياسة الإسرائيلية وسوريا
أكثر ما يخيف تل أبيب، ان يستخدم السلاح الكيماوي ضدها، او ان يصل لإحدى الجماعات الراديكالية المعادية للسامية، لذا كل الجهود الاستخباراتية الاسرائيلية منصبّة في محاولة حشد رأي عام هدفه عزل السلاح الكيماوي عن الارض السورية، وعندما تشعر إسرائيل انّ خطراً قد يصيبها من هذا السلاح، فإنّها لن تتردّد في توجيه قصف عنيف على مستودعات الصواريخ او المنشآت العسكرية الهامة كما حدث في قاسيون وريف اللاذقية.
خطط الجيش الحر
أعلن الائتلاف المعارض والجيش الحرّ عن رغبته الشديدة بأن تكون الضربة قاصمة وليست ضربة تأديبية محدودة، فالجيش الحر الذي تصله دفعات سلاح جديدة خلال الأسبوعين المقبلين، يسعى لأن يستثمر حالة الارباك التي سيتعرض لها النظام في حال وقوع هجمة عليه، لذا فإنه يحشد سلاحه بهدف السيطرة الكاملة على مدينة حلب، وعند حصوله على حلب يكون قد سيطر على القسم الشمالي والشمالي الشرقي من يد النظام، وفي حال جاء موعد “جنيف2” فإنه سيدخل بورقة تفاوضية قوية، مفادها نحن قادرون على كسب المعركة والحصول على دمشق بدعم حلفائنا المتربصين في البوارج، ولكننا سنسعى معكم لأن نجد مخرجاً سياسياً يحافظ على مؤسسات سوريا، ويلغي شعاراً ردّده انصار الرئيس “الأسد أو نحرق البلد”… فالبلد بعيون الساسة هي دمشق المدينة وفقط دمشق، لأنّ سوريا عبارة عن دولة مركزية ثقلها الرئيسي العاصمة.